مصدر إلهامنا
أرضٌ بتاريخ عريق ومياه غنية بالمعادن: توليفة نميرة والبحر الميت
لطالما كانت المملكة الأردنية الهاشمية مقصداً سياحياً بارزاً في منطقة الشرق الأوسط للزوار من جميع أنحاء العالم، إذ تعاقب على تاريخ المملكة العديد من الحضارات العريقة التي بقيت شواهدها وآثارها لتصبح إحدى أهم المحطات السياحة المعرفية والثقافية والدينية والعلاجية الثرية.
ولم يكن الإرث التاريخي الأردني الجاذب الوحيد للسياح، بل إن المملكة من أقصى شمالها وحتى جنوبها تتجمل أيضا بثوبٍ بيئي يتميز بتنوعه، فتجمع في تضاريسها بين السهول الخضراء والصحراء الذهبية والمسطحات المائية والينابيع المعدنية المتجددة، وبين جبال الأردن الشامخة المهيبة ووديانه الخصبة، تقع أعمق وأخفض بحيرة شديدة الملوحة في العالم؛ البحر الميت.
تعد منطقة البحر الميت أعجوبة طبيعية تستقطب الناس من جميع أنحاء العالم لما حباها الله به من نظام بيئي خاص لا يوجد بأي مسطح بيئي آخر؛ إنها أخفض بقاع العالم على الإطلاق، تقع على عمق 434.3 م تحت سطح البحر مما يجعل الضغط الجوي في المنطقة هو الأعلى في العالم والذي يزيد بدوره من ذائبية الأكسجين في هواء المنطقة، ويجعل تركيزه أكثر بمقدار 10 % عن بقية المسطحات الأخرى ليكون بذلك وجهة سياحية علاجية هامة لمرضى القلب والصدر والشرايين، كما أن طقس المنطقة دافئ ومشمس على مدار العام، فعلاوة على أن هواءها نقي ومنعش ومشبع بالأكسجين، فإن نسب التبخر البطيئة والعالية تتسبب في تكوين طبقة من الأملاح والمعادن على سطحه تعمل على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية الضارة التي تسقط على سطح البحر، فتمتلك مياهه بذلك خصائص علاجية فريدة لشفاء الأمراض الجلدية.
تتفرد مياه البحر الميت بتركيبة كيميائية لا مثيل لها، نظراً لملوحتها الفائقة التي تبلغ تقريباً عشرة أضعاف ملوحة غيرها من البحار والمحيطات، وكثافتها العالية التي تجعل من مهمة الغوص فيها مستحيلة؛ إذ أن قوة طفو الأجسام فيه تكون أكبر بكثير منها في غيرها من البحار والمحيطات، مما يسمح للسباحين بالعوم على سطحه بسهولة. ومن هنا أيضا اكتسب البحر الميت هذا الاسم؛ لانعدام الحياة فيه، حيث لا تجد النباتات والحيوانات البحرية سبلًا للعيش والتكيف في بيئته المالحة.
ومما يميز مياه البحر الميت أيضاً أنها غنية جداً بالمعادن الطبيعية، واحتوائها حصراً على اثني عشر معدنا غير موجود في أي مسطح مائي آخر، لذلك يأتي إليها الناس من جميع أنحاء العالم ليتمتعوا بمعجزات شفائية لا حصر لها.
إن في هذه الأعجوبة الطبيعية كنوزاً كثيرة لا تنضب! حيث يترامى على شواطئ البحر الميت الطين العلاجي الأسود الذي ترسب على مدار آلاف السنين طبقة تلو الأخرى ليصبح غنياً جداً بأملاح ومعادن يمتلك بها خواصاً علاجية كثيرة، تستخدم لشفاء أمراض مستعصية عديدة، وخصوصاً الأمراض الجلدية حيث يسهل امتصاصه عبر الجلد.
مصدر إلهامنا هو موقع النميرة الأثري الكامن في المنطقة الجنوبية للبحر الميت في الأردن، هذه المدينة الساحرة بطبيعتها والغنية بتاريخها كانت مقصداً سياحياً بارزاً عبر السنوات للكثير من الكتاب والزوار والمصورين والمغامرين بما تقدمه من المعلومات والأدلة التاريخية الشاهدة على ما يقارب من خمسة عشر جيلاً سكنوا فيها وزرعو أراضيها، وخصوصا العصر البرونزي المبكر، حيث أنها تحتوي على بقايا كثيرة لمستوطنة كبرى كانت تمثل مدناً ودياراً للنبي لوط عليه السلام.
النميرة أيضًا هو الاسم الذي يطلق على النهر والوادي المتاخم للموقع الأثري، وجاء هذا الاسم لأن المنطقة كانت موطناً لعيش النمور فيما مضى.